فالشيطان قد توعد أن يأتيك من كل الجهات، حتى تلك
الجهات التي تتصور أنها معك ضده، قال تعالى: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي
لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ
وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 16، 17]
لذلك كان الحل
الأجدى لك هو الرجوع إلى الله والفرار إليه، والتوكل عليه، فقد أخبر الله تعالى
أنه {لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ
وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } [النحل: 99، 100]
وقد كتب بعض
المريدين لشيخه يذكر له بعض تلك الوساوس التي كنت تشكو لي منها كل حين، فكتب له
شيخه يقول: (لا تشتغل بها.. واشتغل باللّه يردها عنك)
ثم قال له: (لقد
غلط في هذا الأمر خلق كثير، واشتغلوا بمن آذاهم، فطال الأذى مع الإثم، ولو أنهم
رجعوا إلى اللّه لكفاهم أمرهم ولردهم عنهم)
وقال آخر لمريده:
(الشيطان كلب، إن اشتغلت بمقاومته مزق الإهاب وقطع الثياب، وإن رجعت إلى ربك صرفه
عنك برفق)
وقال آخر: (إن
كان هو يرانا من حيث لا نراه، فاللّه يراه من حيث لا يرى اللّه، فاستعن باللّه
عليه)
وقال آخر: (ومن
عرف اللّه ذاب الشيطان من نوره فلم يبق يعرف إلا اللّه)
وقال آخر: (نحن
قوم لا نعرف الشيطان)، فقيل له: أو ليس قد ذكره اللّه في كتابه؟ قال: (أجل، ولكن
اشتغلنا باللّه فكفانا أمره حتى نسيناه)
وقال آخر:
(عداوة العدو حقّا هي اشتغالك بمحبة الحبيب حقّا، فإذا اشتغلت بعداوة العدو فاتتك
محبة الحبيب ونال عدوك مراده منك)