تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهمّ اجعلني مثلها، قال إنّ
ذاك الرّجل كان جبّارا، فقلت: اللهمّ لا تجعلني مثله، وإنّ هذه يقولون لها زنيت
ولم تزن، وسرقت ولم تسرق، فقلت: اللهمّ اجعلني مثلها)[1]
لذلك كان
المعيار الحاكم في الهمم هو الصلاح، وليس تلك المناصب الرفيعة التي لا تغني عن
أصحابها شيئا إن افتقرت أرواحهم إلى الإيمان أو الأخلاق أو التوجه بالكلية لعالم
الحق والخير.
بل إن رسول الله
a ذكر أن أولئك الذين توهم الناس رفعة مناصبهم ليسوا
سوى عبيد لها، انتكسوا عن حقيقة إنسانيتهم، والكرامة المرتبطة بها، ليقعوا في ذلة
الروح وهوانها، ففي الحديث قال a: (تعس عبد الدّينار وعبد الدّرهم وعبد
الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد
آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرّة قدماه، إن كان في الحراسة كان في
الحراسة، وإن كان في السّاقة كان في السّاقة، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم
يشفّع)[2]
وذكر رسول الله a نموذجا عن هؤلاء الذين ارتفعت هممهم إلى إنسانيتهم الرفيعة المكرمة،
فقال: (ربّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه) [3]
[1] البخاري- الفتح 6 (3436) ، مسلم (2550)
واللفظ له.