نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 493
الدنيا أبدا، ولهذا السبب فإنها تنمو في
النار، وطبيعي أننا لا ندرك هذه الأمور المتعلقة بالعالم الآخر إلا على شكل أشباح
وتصورات ذهنية.. وقد استهزأ المشركون بهذه التعابير والأوصاف القرآنية بسبب جهلهم
وعدم معرفتهم وعنادهم، فأبوجهل ـ مثلا ـ كان يقول: إن محمدا يهددكم بنار تحرق
الأحجار، ثم يقول بعد ذلك بأن في النار أشجارا تنمو، وينقل عن أبي جهل ـ أيضا ـ
أنه كان يهيىء التمر والسمن ويأكل منه ثم يقول لأصحابه: كلوا من هذا فإنه الزقوم..
لهذا السبب فإن القرآن يعتبر الشجرة الملعونة في الآيات التي نبحثها، وسيلة
لإختبار الناس، إذ كان المشركون يستهزئون بها، بينما استيقنها المؤمنون الحقيقيون
الذين كانوا يؤمنون بها)[1]
وهذا يدل على أن من الاختبارات الإلهية
لعباده في هذه الدار طرح مثل هذه المسائل، والتي تختلف العقول في التعامل معها،
أما الصادقون، فينظرون إلى قدرة الله تعالى المطلقة، فيسلمون لها، ويؤمنون بها،
وتحدث آثارها في نفوسهم، بينما تكون في نفوس غيرهم حجابا يحول بينهم وبين التعرف
على الحق، بسبب عنتهم وكبريائهم.
هذا بعض ما ورد في النصوص المقدسة حول طعام
المسيئين في جهنم، أما طعام المحسنين، فقد ورد ذكره في مواضع كثيرة من القرآن الكريم،
ويرد عادة مقرونا بطعام المسيئين حتى يدعو العقول للاختيار بين كلا الطعامين،
والعمل المرتبط بهما.
ولعل
أهم الأطعمة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وبشيء من التفاصيل [الفواكه]، ولهذا
وصفت أشجار الجنة بكون ثمارها متدلية لمن شاء أن يأكل منها، كما قال تعالى: ﴿وَجَنَى
الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ [الرحمن: 54]، وقد ورد في الحديث أنها تستبدل
مباشرة حال نزعها، قال a: (إن الرجل إذا نزع ثمرة في الجنة، عادت مكانها
أخرى)[2]