فأنت الذي هديتهم، وأنت الذي علمتهم، وأنت
الذي دللتهم على ما عجزت عقولهم عن معرفته وتدبيره.
لكن بعضهم يارب.. وبدل أن ينسب الفضل إليك،
ويملأ عبادك بالإيمان واليقين، راح يردد ما ردده قارون من قبله حين فرح بعلمه، ونسي
فضلك، وقال: { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]
فنعوذ بك يا رب أن ننسب أي شيء لتدبيرنا، أو
عقولنا، أو علومنا.. فأين تدبيرنا، وعقولنا، وعلومنا منك؟
نعوذ بك يا رب أن نكون كأولئك الذين دعوك في
الضراء، فلما مننت عليهم بالسراء، راحوا يغفلون عنك، وينسبون لأنفسهم ما حل بها من
فضلك..
يا رب نعوذ بك أن نُفتن بعقولنا وعلومنا..
فنحن نعلم أن كل شيء منك.. حتى تلك الخواطر التي ترد علينا، وتملأ حياتنا سعادة
وسرورا هي من فيوضات رحمتك.. وليست من تدبير عقولنا العاجزة..
وهكذا فإن كل ما نصل إليه من حقائق في الكون
والحياة وكل شيء، هي إلهامات منك إلينا.. فأنت المعلم الذي يفيض على عباده من فيض
علمه.. وأنت المدبر الذي يوفر لكل شيء ما يحتاجه.
يارب.. فاجعلنا نركن إليك.. لا إلى الأشياء،
ونفرح بك لا بالأشياء.. ونمد يدنا