responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل إلى الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 83

يحتجبوا عنك، وإنما أنت الذي حجبتهم، لأنك لا تريد أن تري جمالك تلك النفوس المملوءة بقذارة الكبر، وعفن الغرور، والزهو الكاذب.

ولو أنهم بدل أن يسلموا أمر معرفتك لعقولهم المعقولة بأهوائهم، راحوا يطهرون أنفسهم من تلك القاذورات التي تحولت إلى قيود وأغلال تحجبهم عنك، لعرفوك من غير حاجة لأي دليل يدل عليك، لأن كل شيء يشير بلسان حاله ومقاله إليك.

فالجهل بك ـ يا رب ـ ليس ناشئا عن دليل أو علم أو فلسفة أو فكر.. وإنما هو ناشئ من تلك الأمراض التي سيطرت على البصيرة، فحالت بينها وبين الرؤية الصحيحة للأشياء..

لقد ذكرت ذلك يا رب.. وبينت سره، فقلت: { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ } [الأعراف: 146]

فالكبر والغفلة والغرور هي الأمراض التي تسيطر على عين البصيرة، لتجادل في البديهيات الواضحات، ولو أنها طبقت ذلك الجدال على كل الحقائق التي تؤمن بها، لتبرأت منها، وتحولت إلى السفسطة التي تنكر كل شيء.

ولذلك كان أعقل الملاحدة وأكثرهم انسجاما مع نفسه أولئك السفسطائيين، لأنهم احترموا عقولهم، فطبقوا إنكارهم لك على الأشياء.. ذلك أنه لا يمكن لعاقل أن يجمع بين إقراره بوجود الأشياء، ثم لا يقرّ بك.

نام کتاب : رسائل إلى الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست