نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 147
ذليل، وكلّ
قويّ غيره ضعيف، وكلّ مالك غيره مملوك، وكلّ عالم غيره متعلّم، وكلّ قادر غيره
يقدر ويعجز، وكلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات، ويصمّه كبيرها، ويذهب عنه ما
بعد منها، وكلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان، ولطيف الأجسام، وكلّ ظاهر غيره
باطن، وكلّ باطن غيره غير ظاهر. لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان، ولا تخوّف من عواقب
زمان، ولا استعانة على ندّ مثاور، ولا شريك مكاثر، ولا ضدّ منافر، ولكن خلائق
مربوبون، وعباد داخرون. لم يحلل في الأشياء فيقال: هو فيها كائن. ولم ينأ عنها
فيقال: هو منها بائن. لم يؤده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما ذرأ، ولا وقف به عجز
عمّا خلق، ولا ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدّر، بل قضاء متقن، وعلم محكم، وأمر
مبرم، المأمول مع النّقم، المرهوب مع النّعم) [1]
ومنها خطبتك
العظيمة المعروفة بـ (خطبة الأشباح) [2]، والتي أجبت فيها عمن طلب منك أن تصف الله تعالى حتى كأنه يراه عيانا، فقلت له: (الحمد للّه الّذي لا
يفره المنع والجمود، ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كلّ معط منتقص سواه، وكلّ مانع
مذموم ما خلاه، وهو المنّان بفوائد النّعم، وعوائد المزيد والقسم، عياله الخلائق،
ضمن أرزاقهم، وقدّر أقواتهم، ونهج سبيل الرّاغبين إليه، والطّالبين ما لديه، وليس
بما سئل بأجود منه بما لم يسأل. الأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله،
والآخر الّذي ليس له بعد فيكون شيء بعده، والرّادع أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو
تدركه، ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال، ولا كان في مكان فيجوز عليه الانتقال.
ولو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال، وضحكت عنه أصداف البحار، من فلزّ اللّجين
والعقيان، ونثارة الدّرّ وحصيد المرجان، ما أثّر ذلك في جوده، ولا أنفد سعة ما
عنده، ولكان عنده من ذخائر