نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 208
شرفا، إلّا
أسرعا الكرّة في هدم ما بنيا، وتفريق ما جمعا) [1]
وفي موعظة
أخرى قلت: (يا أيّها النّاس،
متاع الدّنيا حطام موبئ، فتجنّبوا مرعاه، قلعتها أحظى من طمأنينتها، وبلغتها أزكى
من ثروتها، حكم على مكثر منها بالفاقة، وأعين من غني عنها بالرّاحة، من راقه
زبرجها أعقبت ناظريه كمها، ومن استشعر الشّغف بها ملأت ضميره أشجانا، لهنّ رقص على
سويداء قلبه: همّ يشغله، وغمّ يحزنه، كذلك حتّى يؤخذ بكظمه، فيلقى بالفضاء، منقطعا
أبهراه، هيّنا على اللّه فناؤه، وعلى الإخوان إلقاؤه، وإنّما ينظر المؤمن إلى
الدّنيا بعين الاعتبار، ويقتات منها ببطن الاضطرار، ويسمع فيها بأذن المقت،
والإبغاض إن قيل أثرى قيل أكدى، وإن فرح له بالبقاء حزن له بالفناء، هذا ولم يأتهم
يوم فيه يبلسون) [2]
وفي موعظة
أخرى قلت: (أيّها النّاس،
اتّقوا اللّه فما خلق امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو، وما دنياه الّتي تحسّنت
له بخلف من الآخرة الّتي قبّحها سوء النّظر عنده، وما المغرور الّذي ظفر من
الدّنيا بأعلى همّته كالآخر الّذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته.. أوصيكم عباد اللّه
بتقوى اللّه، الّذي ألبسكم الرّياش، وأسبغ عليكم المعاش، فلو أنّ أحدا يجد إلى
البقاء سلّما، أو لدفع الموت سبيلا، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام، الّذي
سخّر له ملك الجنّ والإنس، مع النّبوّة وعظيم الزّلفة، فلمّا استوفى طعمته،
واستكمل مدّته، رمته قسيّ الفناء، بنبال الموت، وأصبحت الدّيار منه خالية، والمساكن
معطّلة، وورثها قوم آخرون، وإنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة، أين العمالقة
وأبناء العمالقة؟)[3]