نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 209
ثم رحت تصيح بصوتك المجلجل الذي تهتز له القلوب والأرواح: (أين
الفراعنة وأبناء الفراعنة؟.. أين أصحاب مدائن الرّسّ، الّذين قتلوا النّبيّين،
وأطفؤوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبّارين؟.. أين الّذين ساروا بالجيوش، وهزموا
بالألوف، وعسكروا العساكر، ومدّنوا المدائن؟)
وفي موعظة
أخرى، قلت: (أيّها النّاس، إنّي قد بثثت لكم المواعظ، الّتي وعظ الأنبياء بها
أممهم، وأدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء إلى من بعدهم، وأدّبتكم بسوطي فلم تستقيموا،
وحدوتكم بالزّواجر فلم تستوسقوا، للّه أنتم! أ تتوقّعون إماما غيري يطأ بكم
الطّريق، ويرشدكم السّبيل؟ ألا إنّه قد أدبر من الدّنيا ما كان مقبلا وأقبل منها
ما كان مدبرا، وأزمع التّرحال عباد اللّه الأخيار، وباعوا قليلا من الدّنيا لا
يبقى، بكثير من الآخرة لا يفنى)[1]
ثم رحت تذكرهم بإخوانهم الذين استشهدوا
في صفين، وتقول لهم: (ما ضرّ إخواننا الّذين سفكت دماؤهم وهم بصفّين، ألّا يكونوا
اليوم أحياء، يسيغون الغصص، ويشربون الرّنق؟ قد واللّه، لقوا اللّه فوفّاهم أجورهم،
وأحلّهم دار الأمن بعد خوفهم)
ثم رحت تسميهم واحدا واحدا، وتقول: (أين
إخواني الّذين ركبوا الطّريق، ومضوا على الحقّ؟.. أين عمّار؟.. وأين ابن
التّيّهان؟.. وأين ذو الشّهادتين؟.. وأين نظراؤهم من إخوانهم الّذين تعاقدوا على
المنيّة، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟)