نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 220
علي التي
اختارها الشريف الرضي، وأطلق عليها نهج البلاغة، لنقف ذاهلين أمام روعة العبارة
وعمق المعنى، فإذا حاولنا أن نصف هذه الأقوال تحت رؤوس عامة تجمعها، وجدناها تدور
ـ على الأغلب ـ حول موضوعات رئيسية ثلاث، هي نفسها الموضوعات الرئيسية التي ترتد
إليها محاولات الفلاسفة قديمهم وحديثهم على السواء، ألا وهي: الله والعالم
والإنسان، وإذن، فالرجل ـ وإن لم يتعمدها ـ فيلسوف بمادته، وإن خالف الفلاسفة في
أن هؤلاء قد غلب عليهم أن يقيموا لفكرتهم نسقاً يحتويها على صورة مبدأ ونتائجه،
وأما هو فقد نثر القول نثراً في دواعيه وظروفه)[1]
ولم تكن
الشهادة لك بالحكمة والبيان خاصة بالمسلمين، بل إن إخوانهم من المسيحيين ممن
اطلعوا على كلماتك، لم يملكوا إلا أن يشهدوا لك بذلك..
ومنهم الأديب
الكبير جبران خليل جبران الذي شهد لك بالشهادات الكثيرة، ومنها قوله: (إن علياً لمَن
عمالقة الفكر والروح والبيان في كل زمان ومكان)[2]
ومنهم ميخائيل
نعيمة الذي قال عنك: (بطولات الإمام ما اقتصرت على ميادين الحرب، فقد كان بطلاً في
صفاء بصيرته وطهارة وجدانه وسِحر بيانه)[3]
ومنهم جورج
جورداق الذي قال: (فالإمام بإجماع الباحثين رائد البلغاء في عصره حتى وبعد عصره..
وكل من عاصره كان عيالاً على نبعتين قرشيتين ثرتين.. النبعة المحمدية والنبعة
العلوية.. أضف إلى النشأة والسيرة والبيئة ونوع الثقافة الخصائص العلوية الذاتية
التي تكاد تقف وحدها في مجال الأخلاق والذوق والذكاء والعمق والشمولية وقوة التأمل
والسبر.. تقف لتؤلف شخصية عجيبة خصبة معطاء.. شخصية تلتحم فيها مزايا الفارس
والبطل إلى مزايا المصلح والأديب والخطيب الرباني الملتزم
[1]. د. زكي نجيب محمود: المعقول
واللامعقول في التراث العربي، دار الشروق ـ بيروت، ص ٣٠..