وكنت تطالبهم بالمطالبة بحقوقهم، وقد روى المؤرخون أنك خطبت في الناس
قائلا: (أيها الناس، هل فيكم أحد يدّعي قبلي جورا في حكم، أو ظلما في نفس أو مال،
فليقم به أنصفه من ذلك؟)، فقام رجل من القوم فأثنى عليك ثناء حسنا، وأطراك، وذكر
مناقبك، فقلت ردا عليه: (أيها العبد المتكلم، ليس هذا حين إطراء، وما أحب أن
يحضرني أحد في هذا المحضر بغير النصيحة، واللّه الشاهد على من رأى شيئا يكرهه، فلم
يعلمنيه، فإني أحب أن أستعتب من نفسي قبل أن تفوت نفسي)[2]
وكنت تقول لهم: (أيها الناس، أنا أحب أن أشهد عليكم، أن لا يقوم أحد
فيقول: أردت أن أقول فخفت، فقد أعذرت فيما بيني وبينكم، اللهم إلّا أن يكون أحد
يريد ظلمي، والدّعوى عليّ بما لم أجن، أما إني لم أستحلّ من أحد مالا، ولم
أستحلّ من أحد دما بغير حلّه، وجاهدت مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بأمر اللّه وأمر رسوله، فلما قبض اللّه
رسوله a، جاهدت من أمرني بجهاده من أهل
البغي، وسمّاهم لي رجلا رجلا، وحضّني على جهادهم وقال: (يا علي، تقاتل الناكثين
وسمّاهم لي، والقاسطين وسمّاهم لي، والمارقين)، فلا تكثر منكم الأقوال، فإن أصدق
ما يكون المرء عند هذا الحال)[3]
لقد كانت
الحرية التي تؤمن بها، والتي وهبتها لرعيتك، كما تعلمت ذلك من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم هي القيمة التي حاول أعداؤك استثمارها لضرب مشروع
دولتك الإلهية، فقد روى المؤرخون أن الحجاج بن الضمّة دخل على معاوية في بداية تمرده عليك، فقال له: (إني أخبرك يا أمير
المؤمنين إنك تقوى على عليّ بدون ما يقوى به عليك، لأن معك