ومن ذلك اليوم، وأنت تبحثين عن ذلك الزوج الكريم.. وعندما
علم الله صدقك، دلك عليه، فلم يكن حديث ذلك الرجل الذي سمعته كما سمعه النسوة معك
سوى دعوة إلهية لك، لتلتحقي بقافلة الطهر، التي كانت تهيأ ذلك الحين.
ونحن لا نستغرب هذا، ولا نتعجب منه، فكما هيأ الله
تعالى للمسيح أما من صغرها الباكر، فأنت أيضا قد هيئت لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم تهيئة خاصة، ولذلك كنت ومريم في درجة واحدة.
وقد أشار ابن عمك ورقة بن نوفل إلى كثرة ذكرك له a، وكثرة بحثك عنه، فقال بعد أن وصفت له ما ذكره لك ميسرة: (لئن كان
هذا حقا يا خديجة، فإن محمدا لنبي هذه الأمة، وقد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي
ينتظر هذا زمانه)[2]
ثم أخذ أمامك يذكر أشواقه إلى هذا النبي الموعود،
وكأنه يعبر عن أشواقك أنت أيضا؛ فقد قال:
لججت وكنت في الذكرى لجوجا
لهم طالما بعث النشيجا
ووصف من خديجة بعد وصف
فقد طال انتظاري يا خديجا
ببطن المكتين على رجائي
حديثك أن أرى منه خروجا
بما خبرتنا من قول قس
من الرهبان أكره أن يعوجا
بأن محمدا سيسود فينا
ويخصم من يكون له حجيجا
[1] رواه المدائني، عن ابن عباس، انظر:شرح
الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (4/ 365)