نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 122
وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (النحل:83)
وقد كان من سنة السلف التحدث بنعم الله، ولو كانت من باب العبادات لأمنهم من
الرياء من جهة، ولاعتبارها من أعظم نعم الله عليهم، وقد عبر عن هذا السلوك الإمام الحسن
بقوله:(إذا أصبت خيرا، أو عملت خيرا، فحدث به الثقة من إخوانك)[1]
ومثل ذلك ظهور النعم على حال العبد، وقد روي عن مالك بن نضلة الجشمي قال:
كنت عند رسول اللّه a جالسا، فرآني رث
الثياب فقال:(ألك مال؟)، قلت:(نعم، يا رسول اللّه، من كل المال)، فقال a:(إذا آتاك اللّه مالا فلير
أثره عليك)[2]
ولهذا كان السلف يسأل بعضهم بعضا عن حاله، يقصد من ذلك استخراج شكر الله،
والتحدث بنعم الله، ومن ذلك ما يروى عن بعضهم أنه قال لأخيه:(كَيْفَ أَصْبَحْتُ؟)
قال:(بخير)، فأعاد السؤال حتى قال في الثالثة:(بخير أحمد الله وأشكره)، فقال: (هٰذا
الِّذِي أَرَدْتُ مِنْكَ)،
قال الغزالي:(وكان السلف يتساءلون ونيتهم استخراج الشكر لله تعالى ليكون
الشاكر مطيعاً والمستنطق له به مطيعاً وما كان قصدهم الرياء بإظهار الشوق، وكل عبد
سئل عن حال فهو بـين أن يشكر أو يشكو أو يسكت؛ فالشكر طاعة والشكوى معصية قبـيحة
من أهل الدين، وكيف لا تقبح الشكوى من ملك الملوك وبـيده كل شيء إلى عبد ملوك لا
يقدر على شيء؛ فالأحرى بالعبد إن لم يحسن الصبر على البلاء والقضاء وأفضى به الضعف
إلى الشكوى أن تكون شكواه إلى الله تعالى، فهو المبلي والقادر على إزالة البلاء.
وذل العبد لمولاه عز، والشكوى إلى غيره ذل؛ وإظهار الذل للعبد مع كونه