نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 313
وبخلاف النفوس الزكية الفاضلة، فإنها أدركت خطورة جريان هذا النهر على حقيقة
االإنسان، فراحت تبحث عن مخرج يقيها طغيان هذا النهر، فافترقت إلى ثلاث فرق:
أما الفرقة الأولى، وهم أصحاب الرياضات والمجاهدات والخلوات والتمرينات، فقد
راموا قطعه من ينبوعه، فأبت عليهم ذلك حكمة الله تعالى، وما طبع عليه الجبلة
البشرية ولم تنقد له الطبيعة، فاشتد القتال ودام الحرب وحمى الوطيس وصارت الحرب
دولا وسجالا، وهؤلاء صرفوا قواهم إلى مجاهدة النفس على إزالة تلك الصفات.
أما الفرقة الثانية، فقد أعرضوا عن جريان النهر، وراحوا يحصنون العمران،
ويحكمون بناءه وأساسه، لاعتقادهم أن ذلك النهر لابد أن يصل إليه، فإذا وصل وصل إلى
بناء محكم، فلم يهدمه بل أخذ عنه يمينا وشمالا، فهؤلاء صرفوا قوة عزيمتهم وإرادتهم
في العمارة، وإحكام البناء وأولئك صرفوها في قطع المادة الفاسدة من أصلها خوفا من
هدم البناء.
أما الفرقة الثالثة، وهي أحكم الفرق وأعدلها، فـ (رأت أن هذه الصفات ما خلقت
سدى ولا عبثا وأنها بمنزلة ماء يسقى به الورد والشوك والثمار والحطب، وأنها صوان
وأصداف لجواهر منطوية عليها، وأن ما خاف منه أولئك هو نفس سبب الفلاح والظفر،
فرأوا أن الكبر نهر يسقي به العلو والفخر والبطر والظلم والعدوان، ويسقي به علو
الهمة والأنفة والحمية والمراغمة لأعداء الله وقهرهم والعلو عليهم، وهذه درة في
صدفة فصرفوا مجراه إلى هذا الغراس، واستخرجوا هذه الدرة من صدفته وأبقوه على حاله
في
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 313