بل أخبر
تعالى بأن هذا الأدب العظيم هو أدب المؤمنين جميعا، على أحقاب التاريخ، ومهما
اختلفت أجناسهم، فقد أخبر تعالى عن دخول الملائكة على إبراهيم u، فقال تعالى: ﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ
فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ (الحجر:52)، وقال تعالى: ﴿ إِذْ
دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ (الذريات:25)
وقبل ذلك،
أخبر a عن تحية آدم u والملائكة ـ عليهم السلام ـ قال a:(خلق
الله آدم طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال له: اذهب فسلم على أولئك النفر من
الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك به فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال: السلام عليكم،
فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله)[1]
وأخبر تعالى
عن تحية المؤمنين في الجنة وما يحييهم به الله، وما تحييهم به الملائكة، فقال تعالى:
﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا
سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (يونس:10)، وقال تعالى: ﴿ سَلامٌ
عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (الرعد:24)، وقال تعالى: ﴿ وَأُدْخِلَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ﴾
(ابراهيم:23)، وقال تعالى: ﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ
لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً﴾ (الأحزاب:44)
انطلاقا من
هذه النصوص المبينة لقيمة التحية وأثرها، جاءت النصوص والأحكام الشرعية الكثيرة
التي تنفذ هذا الأمر وتحقق مقاصده، وسنتناول هذه الأحكام على طريقة الفقهاء في
تناول المسائل الفقهية، فلا فرق بين أحكام العبادات والمعاملات وهذه الأحكام.