وإن كان هؤلاء
معذورون في مواقفهم بسبب اعتقادهم لرسوخ أئمتهم في المعرفة بالحديث وكيفية استنباط
الأحكام منه، فالشيعة أيضا معذورون، فهم أيضا يعتبرون أئمتهم تلاميذ لإمامهم علي
الذي كان مصاحبا دائما لرسول الله a،،
ابتداء من صغره الباكر إلى وفاته، وأنه أخذ عنه كل شيء يرتبط بأصول الدين وفروعه،
ثم نقله لأولاده وأحفاده.
ولهذا نجد
الشيعة كثيرا ما يقرنون بين رسول الله a
والإمام علي، لا باعتبار أن الإمام علي صنو لرسول الله a،
فهم لا يقولون بذلك، وإنما مرادهم منه أنه التلميذ الأكبر لرسول الله a، وأنه لذلك يمثل السنة أحسن تمثيل، وذلك لا يختلف
كثيرا عن موقف السلفية من ابن تيمية أو الإمام أحمد حين يعتبرونهما ممثلا للسنة
والشريعة.
ومن الأمثلة على
ذلك ما ذكره الشهيد مطهري في كتابه عن الإنسان الكامل، فقد راح ينقل عن الإمام علي
الكثير من السنن المغيبة، والتي تمثل جوهر الدين أكثر من تلك السنن الفرعية
البسيطة التي ترتبط ببعض هيئات الأعمال.
ومن ذلك تلك
السنة التي سماها [الألم العرفانيّ]، واستنبطها مما ورد في حوار الإمام عليّ مع كميل
بن زياد، وقوله له: (اللّهمّ بلى! لا تخلو الأرض من قائمٍ لله بحجَّة، إمّا ظاهراً
مشهوراً، وإمّا خائفاً مغموراً... أولئك والله الأقلّون عدداً، والأعظمون عند الله
قدراً، يحفظ الله بهم حججه وبيّناته، حتّى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب
أشباههم. هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما
استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدانٍ أرواحها
معلّقة بالمحلّ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه. آهٍ آهٍ
شوقاً إلى رؤيتهم!)[2]