والأمر
الملازم لفطرتنا هذه هو السعي للخلاص من النقص المطلق، وتلازمه الرغبة في الخلاص
من مطلق النقص أيضا) [1]
وبناء
على هذا، فكلنا ـ وإن لم ندرك ذلك ـ (عاشقون لله تعالى، الذي هو الكمال المطلق.
ونعشق آثاره التي هي تجليات الكمال المطلق. وأي شخص أو أي شيء نكرهه ونبغضه، أو
نحاول التخلص منه، فهو نقص مطلق أو مطلق النقص الذي يقف في الجهة المقابلة، وعلى
النقيض من الأول تماماً. ولا شك أن نقيض الكمال هو عدم الكمال، ولأننا محجوبون،
فإننا نضلّ في التشخيص. ولو زال الحجاب لاتّضح لنا أن كل ما هو منه جل وعلا محبوب،
وكل ما هو مبغوض فليس منه، وهو بالتالي ليس موجودا) [2]
وهو
يؤكد هذه الحقائق عند تعليقه على ما ورد في المناجاة: (أيكون لغيرك من الظهور ما
ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى بعدت
حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عميت عين لا تراك عليها رقيبا)[3]
ومثلها
ما ورد في المناجاة الشعبانية التي يثني عليها كثيرا، وخاصة على هذا المقطع منها:
(إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق
أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعزِّ قدسك،
إلهي واجعلنى ممن ناديته فأجابك، ولاحظته فصعق لجلالك)
فقد
علق عليهما قائلا: (بني: نحن ما زلنا في قيد الحجب الظلمانية، وبعدها الحجب
النورية، ونحن المحجوبون ما زلنا عند منعطف زقاق ضيّق) [4]
وهو
يبين أن هذه المعارف التوحيدية ليست معارف كمالية، بل هي ضرورية، وأن