العدالة
وأرادته واهتمّت به كان منقطع النظير واستثنائياً. ومثل هذا الاهتمام الذي أولته
الأديان لا نشاهده في آراء الحكماء والعلماء)[1]
وهو
يبين نتيجة لذلك أن العدالة هدف الأديان النهائي، على خلاف ما يعتقد دعاة
العلمانية من اقتصار الأديان على الشعائر التعبدية، والشؤون الشخصية، يقول معلقا
على قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ
﴾ [الحديد: 25]: (من المؤكّد أنّ هذه الآية تحكم بأنّ هدف إرسال الرسل
وإنزال الكتب ومجيء البيّنات هو القيام بالقسط؛ ولا شكّ بأنّ القيام بالقسط وكلّ
ما يتعلّق بالحياة الدنيوية والاجتماعية والفردية للنّاس، هو مقدّمة لذاك الهدف
المتعلّق بالخلق ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، أي العبودية، أي هدف الخلقة صيرورة الإنسان
عبداً لله، حيث إنّ هذه العبودية نفسها تُعدّ أعلى الكمالات. إلاّ أنّه للوصول إلى
ذاك الهدف، الذي هو هدف النبوّات وإرسال الرّسل، يحتاج إلى العدالة وبناء النظام) [2]
ويستدل
لهذا بكون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ـ كما يصورهم القرآن الكريم ـ كانوا
دائما في صف المستضعفين والمظلومين، بخلاف أعدائهم الذين كانوا من الطواغيت
والمترفين والملأ؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ
نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ
كَافِرُونَ﴾ [سبأ: 34]، وقد علق عليها الخامنئي بقوله: (فما نجد من نبيٍّ
إلا وكان في مقابله مُترَفون وكان النبيّ يُحاربهم، وهكذا كان حال الممسكين
بالقدرة وأصحاب السلطة. والطاغوت له معنى يشمل جميع هؤلاء. لهذا فإنّ الأنبياء
كانوا دائماً إلى جانب المظلوم في الصراع بين الظالم والمظلوم؛ فكانوا ينزلون إلى
الميدان من أجل العدالة