نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 171
وقبل ذلك، وفي المدينة المنورة،
وقبل مسيره إلى كربلاء، لتنفيذ الأمر الإلهي، زاره قبر قبر جدّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وراح يودعه، ويشكو إليه قائلاً: (السلام
عليك يا رسول الله ! أنا الحسين بن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك، وسبطك في الخلف
الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبى الله. أنهم قد خذلوني وضيعوني وأنهم لم
يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتى ألقاك)، ثم وثب قائما وصف قدميه، ولم يزل راكعا
وساجدا[1].
فلما كانت الليلة الثانية خرج
الى القبر أيضا فصلى ركعتين، فلمل فرغ من صلاته جعل يقول: (اللهم
إن هذا قبر نبيك محمد وأنا ابن بنت محمد وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم
وإني احب المعروف وأكره المنكر، وانا أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحق هذا القبر
ومن فيه ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى) [2]
وقد روي أنه غلبه
النوم حينها؛ فرأى جدّه الرسول (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قد أقبلَ في كتيبة مِن الملائكة، فضمّه إلى
صدره وقبّل ما بين عينيه، وهو يقول له: (يا بُني، كأنّي عن قريب أراك مقتولاً
مذبوحاً بأرض كربٍ وبلاء، بين عصابة مِنْ أُمّتي، وأنت مع ذلك عطشان لا تُسقى،
وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم
القيامة؛ فما لهم عند الله من خلاق، حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا
علي وهم إليك مشتاقون، وإن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة)[3]
وهذا النص مع نصوص كثيرة يدل
على أن الإمام الحسين كان يعلم مصيره بدقة، لكنه مع ذلك أقدم عليه، متوكلا على
الله، مفوضا الأمر إليه، لأنه يعلم أن المأساة التي ستتحقق
[1] الفتوح 5: 19، مقتل الحسين للخوارزمي
1: 186، وفيه بدل في الخلف (والثقل)، العوالم 17: 177.