نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 23
المعرفة في حياة الأنبياء، أو
بعدهم؛ فإن تمكن من ذلك لا يبالي بعدها بشيء، لأنه بتشويه القيم الإيمانية،
والحقائق العقائدية، تتشوه كل القيم، وكل الحقائق، وتتشوه بعدها كل السلوكات
الشخصية والاجتماعية.
وقد أخبر القرآن الكريم عن
نموذج لذلك، وهو ما حصل لبني إسرائيل بمجرد خروجهم من مصر؛ فقد كان أول ما طلبوه ـ
بغواية من الشيطان ووسوته ـ أن يجعل لهم موسى إلها كالآلهة التي تعبدها الأمم من
حولهم، لأنه عز عليهم أن يعبدوا إلها لا يتمكنون من رؤيته، قال تعالى مشيرا إلى
ذلك: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله
جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [البقرة:
55]
وهكذا ذكر القرآن الكريم حرصهم
على الرؤية الجهرية الحسية لله، حتى عوقبوا على ذلك[1]،
ومع ذلك لم تثنهم تلك العقوبة عن البحث عن إله حسي يمكنهم أن يروه ويلمسوه، ولذلك
بمجرد أن غاب موسى صنعوا إلها من ذهب، وصاروا يعبدونه غير مراعين لتلك التوجيهات
التي كان هارون يقوم بها مع الثلة القليلة الذين معه.
وما حصل في بني إسرائيل حصل
مثله ـ للأسف ـ في هذه الأمة، حين ضيعت وصية نبيها (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في البعد عن كل ما يمكن أن يحرف هذا الدين،
ويشوه جمال عقائده، ولهذا دخلت الكثير من التحريفات في القيم الإيمانية، بعد تقريب
السلطة الأموية لليهود الذين أسلموا، وإفساح المجال لهم لتعليم الناس قيم الدين،
بل أُفسح المجال لهم لتفسير القرآن الكريم،
[1]
وقد ورد في الكتاب المقدس ما يشير إلى هذه النزعة التجسيمية، ففي سفر الخروج
[الإصحاح 32، 1]: (ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب
على هارون وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا)، وفيه [13/20، 1.]: (وارتحلوا
من سكوت ونزلوا في طرف البرية وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم
الطريق وليلاً في عمود نار ليضيء لهم..)، وفي [سفر الخروج 24/9-11]: (صعد موسى
وهارون.. وسبعون من شيوخ إسرائيل ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق
الأزرق الشفاف.. لكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل فرأوا الله وأكلوا
وشربوا)، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 23