وقد كانت له مواقف سابقة في
الشجاعة في حياة أبيه، ومنها ما روي أنه في بعض أيّام صفّين خرج من جيش أمير
المؤمنين شاب على وجهه نقاب، تعلوه الهيبة، وتظهر عليه الشجاعة، يقدّر عمره بالسبع
عشر سنة، يطلب المبارزة، فهابه الناس، وندب معاوية إليه ابن الشعثاء، فقال: إنّ
أهل الشام يعدّونني بألف فارس، ولكن أرسل إليه أحد أولادي، وكانوا سبعة، وكُلّما
خرج أحد منهم قتله حتّى أتى عليهم، فساء ذلك ابن الشعثاء وأغضبه، ولمّا برز إليه
ألحقه بهم، فهابه الجمع ولم يجرأ أحد على مبارزته، وتعجّب أصحاب أمير المؤمنين من
هذه البسالة التي لاتعدو الهاشميين، ولم يعرفوه لمكان نقابه، ولما رجع إلى مقرّه
دعا أبوه أمير المؤمنين ، وأزال النقاب عنه، فإذا هو قمر بني هاشم ولده العبّاس [2].
ولذلك كله شرف بذكر الأئمة له،
وثنائهم عليه، فقد قال عنه الإمام السجاد : (رحم الله عمّي العبّاس بن علي، فلقد
آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله الله عزّوجلّ جناحين يطير
بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، إنّ للعبّاس عند الله
تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة)[3]
وقال عنه الإمام الصادق : (كان
عمّي العبّاس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان،
[2] العباس عليه السلام، المُقرّم، السيّد عبد الرزّاق
الموسوي، تحقيق: سماحة الشيخ محمّد الحسّون، سلسلة الكتب المؤلفة في أهل البيت
عليهم السلام، إعداد مركز الأبحاث العقائدية، د م، د ت، ص153.