نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 291
لا يمكن لأحد أن يعرف قيمة ما
قدمه الإمام الحسين من تضحيات ما لم يعرف الدافع الأكبر لذلك، وهو ليس دافعا
محصورا في الزمن الذي عاشه، وإنما هو دافع ممتد لكل الأجيال، ليحضرها لأن تصبح
أهلا لتلك الصرخة التي صرخها حين قال: (هل من ناصر ينصرنا، هل من معين يعيننا، هل
من ذاب عن حرم رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم))[1]
فهو لم يقصد بذلك نصرته في ذلك
الحين، ولا نصرة شخصه، ولا مواجهة يزيد وحده، وإنما قصد بها نصرة الإسلام الذي
انتهض من أجله، ومواجهة يزيد الذي يمثل الاستبداد والظلم في كل العصور.
وصرخته تلك تشبه الصرخة التي
نادى بها إبراهيم الخليل، عندما راح يؤذن في الناس بالحج بين الرمال والصخور، وقد
شاء الله أن يؤتي ذلك الآذان أكله في الوقت المناسب، كما قال تعالى: ﴿
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ [الحج: 27]
ولهذا فإن أولئك الذين يضعون ما
فعله الإمام الحسين ضمن حسابات الربح والخسارة لم يفهموا حركته أبدا، وكيف
يفهمونها، وهم يستعملون عقولهم القاصرة مع الله ورسوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) الذي أذن لتلك الحركة أن تكون بذلك الشكل.
ولو أنهم تأملوا في آثارها عبر
التاريخ، وكيف أصبح الإمام الحسين رمزا لا يضاهيه أي رمز في مواجهة الطغيان، وفي
انتصار الدم على السيف، لعادوا إلى عقولهم، وعرفوا أن الأمر أكبر من أن يكون تخطيط
عقول بشرية، وإنما هي خطة إلهية في مواجهة المشاريع الشيطانية، ولذلك كان المتولي
لإخبار رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بما سيحصل للإمام الحسين ملائكة الله، الذين
أرسلوا خصوصا ليخبروا بذلك الحديث العظيم الذي اهتز له كل شيء.
[1] اللهوف
لإبن طاووس ص:50، اعيان الشيعة للسيد الأمين ج:1 ص:609، نفس المهموم للقمي ص:349.
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 291