فهذا
الحديث يشير إلى مراعاته a لسورة البقرة أثناء توليته لذلك الذي هو أحدثهم سنا، باعتبارها
السورة التي تحوي كل حقائق الدين وقيمه، كما عبر عن ذلك رسول الله a.. وفي
هذا تنبيه بليغ للأمة في عدم مراعاة السن أثناء اختيار أصحاب الوظائف والمناصب،
وهو ما لم يحصل في الواقع التاريخي الإسلامي، وبعد النبوة مباشرة، وقد كان ذلك
سببا لكل الفتن التي حصلت بعد ذلك.
وأخبر
a عن خاصية أخرى لسورة البقرة، فقال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن
الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) ([533])
وفي
هذا إشارة إلى تلك المعاني الكثيرة التي تحتوي عليها سورة البقرة، والتي لها دورها
الكبير في حفظ الأسرة من أن يتدخل الشيطان لينشر القطيعة بينها.
وهكذا
ورد فضل الآيات التي تشير إلى القيم الروحية، ومنها ما ورد في حق قوله تعالى: ﴿آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ
بِالله وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ
رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ
الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ
وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ
أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ
وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا
عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 285، 286]، فقد قال رسول الله a عنها: (من
قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)([534])