واستشعر
ـ أيها المريد الصادق ـ عند ارتدائك للثياب الطاهرة الساترة الخاصة بالصلاة، ما
قاله الإمام الصادق عنه، فقد قال: (أزين اللّباس للمؤمنين لباس التقوى، وأنعمه
الإيمان قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾
[الأعراف: 26]، وأمّا اللّباس الظاهر فنعمة من الله يستر بها عورات بني آدم، وهي
كرامة أكرم الله بها عباده ذريّة آدم عليه السّلام ما لم يكرم بها غيرهم، وهي
للمؤمنين آلة لأداء ما افترض الله عليهم، وخير لباسك ما لا يشغلك عن الله تعالى بل
يقرّبك من شكره وذكره وطاعته ولا يحملك إلى العجب والرياء والتزيّن والمفاخرة
والخيلاء فإنّها من آفات الدّين ومورثة القسوة في القلب، وإذ لبست ثوبك فاذكر ستر
الله عليك ذنوبك برحمته، وألبس باطنك بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك، وليكن باطنك
في ستر الرهبة وظاهرك في ستر الطاعة، واعتبر بفضل الله عزّ وجلّ حيث خلق أسباب اللّباس
لتستر العورات الظاهرة، وفتح أبواب التوبة والإنابة لتستر بها عورات الباطن من
الذّنوب وأخلاق السوء، ولا تفضح أحدا حيث ستر الله عليك أعظم منه، واشتغل بعيب
نفسك، واصفح عمّا لا يعنيك حاله وأمره واحذر أن يفني عمرك بعمل غيرك ويتّجر برأس
مالك غيرك وتهلك نفسك، فإنّ نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله تعالى في العاجل
وأوفر أسباب العقوبة في الآجل، وما دام العبد مشتغلا بطاعة الله ومعرفة عيوب نفسه
وترك ما يشين في دين الله فهو بمعزل على الآفات، غائص في بحر رحمة الله تعالى يفوز
بجواهر الفوائد من الحكمة والبيان وما دام ناسيا لذنوبه جاهلا لعيوبه راجعا إلى
حوله وقوّته لا يفلح إذا أبدا)([681])