نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 334
كان من رحمة الله تعالى بهم عدم اصطفائهم لتولي ذلك المنصب العظيم.
ومثل ذلك البلاء الذي تعرض له رسول الله a في كل حياته، والذي لم يدع له لحظة واحدة من الراحة، حتى أن أول
الأوامر الإلهية إليه هو قيام الليل؛ فكان a يقوم أكثره، ويقضي نهاره داعية إلى الله، لأن الله تعالى أمره
بالأمرين: أن يكون ليله لربه، وأن يكون نهاره لدعوة الخلق، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا
الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 1، 2]، وقال:
﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر: 1، 2]
ولهذا أخبر رسول الله a أن من سنن الله تعالى في الاصطفاء الابتلاء، قال تعالى: (أشد الناس
بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا
اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقةٌ ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى
يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئةٌ) ([377])
وهذا لا يعني ـ أيها المريد الصادق ـ عدم إعطاء الله تعالى الفرصة لأولئك
الذين لم يُوظفوا في تلك الوظائف، وإنما الفرصة ممنوحة للجميع، وبدرجة واحدة، وفي
كل العصور والبيئات.
وهذا ما يدل على عدالة الله المطلقة الموافقة لرحمته الواسعة، ذلك أن أي
شخص قد يعترض على عدم تخصيصه بالاصطفاء، تُذكر له الأعمال التي يمكن أن يقوم بها،
والتي تجعله مع المصطفى في درجة واحدة.
ولهذا يُقال للذي يعتب على عدم اصطفائه ليعيش في زمن النبوة، بأن هناك من
اجتبي لأن ينال هذه الكرامة لكنه رفضها، ورفض الإيمان.. ويقال له: في إمكانك وأنت
في زمن بعيد عن زمن النبوة، أن تنال كل فضل ناله من أحسن صحبة رسول الله a، وليس