وشبه حاله وحال قومه، فقال:
(إن مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش
بعيني، وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا فانطلقوا
على مهلتهم، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم،
فذلك مثل من أطاعني، واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني، وكذب ما جئت به من الحق)([917])
وروي أنه سئل: هل أتى عليك
يوم كان أشدّ من يوم أحد؟ فقال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت
منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما
أردت فانطلقت. وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثّعالب، فرفعت
رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنّ الله
قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت
فيهم. فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ، ثمّ قال: يا محمّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن
شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقلت: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله
لا يشرك به شيئا)([918])
وهكذا روي أنه عندما طلب
منه الدعاء على المشركين، قال: (إنّي لم أبعث لعّانا، وإنّما بعثت رحمة)([919])
أما رحمته بالمؤمنين، فلا
يمكن تصور مقدارها، ولهذا كان يتوقف عن بعض الأعمال