نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146
نا فنعطب، ونأخذ بآرائنا فنهلك)، ثم قال: (طوبى للذين هم كما قال رسول
الله a: (يحمل هذا العلم من كل خلف
عدول ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) [1]
بناء على هذا شاءت حكمة الله تعالى أن يخلف أئمة الهدى الرسل عليهم
السلام، ذلك أن التحريف يعرض ويستشري بعد النبوة، مثلما حصل لبني إسرائيل عند غياب
موسى عليه السلام عنهم، ولذلك كان دور الإمامة هو حفظ الدين من التحريف الذي أشار
إليه قوله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا﴾ [آل
عمران: 144]
ولذلك أيضا كان من نعم الله تعالى على هذه الأمة ـ كما أخبر رسول الله a ـ أن تمتد أجيال هؤلاء الهداة
إلى اثني عشر إماما، حتى تواجه كل أصناف التحريفات، والتي يتأسس من خلالها الدين
على أسس صحيحة قوية، لا يؤثر فيه بعدها أي تحريف.
بناء على هذا، وبناء على أننا سنعرض لأصناف ردود الأئمة على التحريفات
المختلفة في الجوانب العقدية والسلوكية وغيرها في سائر الأجزاء؛ فسنكتفي هنا بذكر
ردودهم ومواجهتهم لأخطر الظواهر التي حاولت تشويه الإمامة، وتحويلها عن مقاصدها في
الهداية، إلى مقاصد أخرى لا علاقة لها بالدين، ولا بالدنيا، بل إنها قد تصب في
الشرك والضلالة التي حذر منها القرآن الكريم، وأخبر عن وقوع أصحاب الملل والنحل
فيها.
وذلك الانحراف الخطير هو ظاهرة [الغلو في الأئمة]، والتي لجأ إليها أصحاب
الفئة الباغية، ليشوهوا الأئمة، ويبعدوا جماهير المؤمنين عنهم، مثلما يفعلون مع
أعدائهم لتشويههم، ولتنفير النفوس عنهم.