نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 81
a، كما عبر عن ذلك بقوله: (وقد علمتم موضعي من رسول الله a بالقرابة القريبة، والمنزلة
الخصيصة. وضعني في حجره وأنا وليد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني
جسده، ويشمّني عرفه. وكان يمضغ الشّيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا
خطلة في فعل. وكنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه
علما، ويأمرني بالاقتداء به)[1]
وهو ما يشير إليه قوله تعالى في تهيئة أصحاب المناصب الإلهية الرفيعة: ﴿
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا
زَكَرِيَّا ﴾ [آل عمران: 37]
ولذلك؛ فإن الإمام علي كان في علاقته مع رسول الله a لا يختلف عن علاقة البنوة والأخوة، وهو ما يتيح له فرصا كبيرة من
التربية والتعليم والتهذيب لا تتاح لغيره.
ولهذا ورد في الأحاديث الكثيرة الإشارة إلى تلك المؤهلات التي تجعله أهلا
للإمامة، والتي أشار إلى مجامعها قوله تعالى: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ
الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ
اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ [البقرة:
247]، فالله تعالى أخبر أن أهلية طالوت ويوسف لتلك المناصب لم تكن إلا بسبب العلم
الذي كان لهما، ولم يكن لغيرهما.
بل إن الله تعالى عندما أراد أن ينصب آدم عليه السلام للخلافة ذكر علمه،
واختبر به الملائكة، فقال: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ
عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا
أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة:
31 - 33]