نام کتاب : دلائل النبوة الخاصة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 13
فالمشركون ـ كما تدل هذه الآيات الكريمة ـ علقوا إيمانهم بالرسول a بأن يفجر لهم من الأرض ينبوعاً، أو
بأن تكون له جنة من نخيل وعنب يفجر الأنهار خلالها تفجيراً، أو أن يأخذهم بعذاب من
السماء، فيسقطها عليهم قطعاً كما أنذرهم أن يكون ذلك يوم القيامة! أو أن يأتي
بالله والملائكة قبيلاً يناصره ويدفع عنه كما يفعلون هم في قبائلهم! أو أن يكون له
بيت من المعادن الثمينة، أو أن يرقى في السماء، ولا يكفي أن يعرج إليها وهم
ينظرونه، بل لا بد أن يعود إليهم ومعه كتاب محبر يقرأونه.
وكل ذلك يدل على عقولهم الضعيفة، وما كان للنبي a أن يذعن لها، كما يقول سيد قطب في تعليقه على الآيات الكريمة: (وتبدو
طفولة الإدراك والتصور، كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة. وهم يسوون بين
البيت المزخرف والعروج إلى السماء! أو بين تفجير الينبوع من الأرض ومجيء اللّه -
سبحانه - والملائكة قبيلا! والذي يجمع في تصورهم بين هذه المقترحات كلها هو أنها خوارق.
فإذا جاءهم بها نظروا في الإيمان له والتصديق به! وغفلوا عن الخارقة الباقية في
القرآن، وهم يعجزون عن الإتيان بمثله في نظمه ومعناه ومنهجه، ولكنهم لا يلتمسون
هذا الإعجاز بحواسهم فيطلبون ما تدركه الحواس! والخارقة ليست من صنع الرسول، ولا
هي من شأنه، إنما هي من أمر اللّه سبحانه وفق تقديره وحكمته.. وليس من شأن الرسول
أن يطلبها إذا لم يعطه اللّه إياها. فأدب الرسالة وإدراك حكمة اللّه في تدبيره
يمنعان الرسول أن يقترح على ربه ما لم يصرح له به) [1]
ولهذا، فإن القرآن الكريم ينص على أن مقصود الكفار بهذه الإقتراحات
العناد والتعنت واللجاج، ولو جاءتهم كل آية لقالوا هذا سحر، كما قال تعالى: ﴿لَوْ
نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأيديهِمْ لَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ [الأنعام:7]