وقال أبو المظفر السمعاني في (الانتصار لأصحاب الحديث)
مبينا الحجج الحجج القوية التي أوردها المتكلمون، بل كل طوائف المسلمين: (وقد سلك
أهل الكلام في رد الناس من الأحاديث إلى المعقولات طريقا شبهوا بها على عامة الناس
قالوا: إن أمر الدين أمر لابد فيه من وقوع العلم ليصح الاعتقاد فيه، فإن المصيب في
ذلك عند اختلاف المختلفين واحد والمخالف في أمر من أمور الدين الذي مرجعه إلى
الاعتقاد إما كافر أو مبتدع، وما كان أمره على هذا الوجه، فلابد في ثبوته من طريق
توجب العلم حتى لا يتداخل من حصل له العلم بذلك شبهة وشك بوجه من الوجوه، والأخبار
التي يرويها أهل الحديث في أمور الدين أخبار آحاد وهي غير موجبة للعلم وإنما توجب
الإعمال في الأحكام خاصة، وإذا سقط الرجوع إلى الأخبار فلابد من الرجوع إلى دليل
العقل وما يوجبه النظر والاعتبار فهذا من أعظم شبههم في الإعراض عن الأحاديث
والآثار)[2]
ثم قال ـ بهذه البساطة ـ ردا عليها: (إن خبر الواحد إذ صح عن
رسول الله k ورواه الثقات والأئمة
وأسنده خلفهم عن سلفهم إلي رسول الله وتلقته الأمة بالقبول فإنه يوجب العلم فيما
سبيله العلم، هذا قول عامة أهل الحديث والمتقنين
[1] التمهيد
لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد
البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي ،
محمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب،
1387 هـ، (1/8)
[2] الانتصار
لأصحاب الحديث، أبو المظفر، منصور بن محمد السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي
(المتوفى: 489هـ)، المحقق: محمد بن حسين بن حسن الجيزاني، مكتبة أضواء المنار – السعودية،
الطبعة: الأولى، 1417هـ - 1996م، (ص: 5)