ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي
الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ
خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فالآية الكريمة تدعو إلى
تحكيم كتاب الله تعالى وسنة رسوله a، وتخبر أن ذلك من شروط الإيمان
بالله تعالى واليوم الآخر، وتخبر أن الرد إلى الكتاب والسنة خير من التنازع والقول
بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.
ومنها قوله تعالى: ﴿قُلْ
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ
مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا
عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: 54]، وهي تخبر أن
الهداية محصورة في القرآن الكريم.
ومنها قوله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1]، وفيها نهي صريح عن تقديم أي رأي أو موقف قبل التعرف
على ما ذكره القرآن الكريم.
ويدل لهذا كله ما ورد في حديث معاذ، الذي
قال له النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم حين بعثه إلى اليمن: (بم تحكم؟) قال: بكتاب الله. قال: (فإن لم تجد؟)
قال: بسنة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (فإن لم تجد؟) قال: أجتهد رأيي، فضرب في
صدره وقال: (الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله، لما يرضي رسول الله)[1]
ففي هذا الحديث لم يخبر معاذ النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
أنه سيحتكم إلى التوراة أو غيرها، ولم يخبره أنه سيوكل شخصا ليختار المصدر المناسب
الذي يحكم به.
[1] رواه أبو داود رقم (3592) و
(3593)، والترمذي رقم (1327) و (1328)