وهكذا ورد في السنة الكثير من النصوص
التي تخبر عن غضب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من الاحتكام أو الرجوع في المعارف
والعلوم للكتاب المقدس، وترك القرآن الكريم؛ فقد روي أن عمر أتى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب، وقال:
(أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا
تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو
أن موسى a كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني)[1]
فهذا الحديث العظيم يخبر أن دين الله أبيض نقي صاف ليس فيه أي
دنس أو شبهة تمنع العقل السليم من التسليم له.. لكن هذا الأبيض يمكنه أن يتحول إلى
أسود إذا ما اختلط بغيره.. فهو لشدة بياضه وجماله أسرع الأشياء إلى التلوث إذا لم
يحافظ عليه.
وفي حديث آخر قال a: (لا
تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل
وإما أن تكذبوا بحق، وإنه ـ والله ـ لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن
يتبعني)[2]
وغيرها من الأحاديث الكثيرة التي تنهى
عن الرجوع إلى أهل الكتاب وغيرهم لمعرفة حقائق الدين، أو قيمه، أو مواقفه العلمية،
أو العملية.
وهكذا وردت النصوص تأمر بمحاكمة
الأحاديث والروايات للقرآن الكريم، ذلك أن من أكبر علامات كذب الرواية والحديث مخالفتها
للقرآن الكريم،
[2] غاية المقصد فى زوائد المسند، أبو
الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (المتوفى: 807هـ)، المحقق: خلاف
محمود عبد السميع، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة:
الأولى، 1421 هـ - 2001 م، (1/ 92)