وللأسف، لم ترو هذه النصوص بالطرق
الصحيحة إلا عن أئمة أهل البيت، وربما يكونون قد دعوا إلى ذلك بعد ما رأوا استغلال
الفئة الباغية لثغرة الحديث لتشويه الدين بعد عجزهم عن تحريف القرآن الكريم.
فقد رووا عنه a أنه خطب الناس بمنى، فقال: (أيّها الناس، ما جاءكم
عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم عنّي يخالف كتاب الله فلم أقله)[1]
وروي عن الإمام الصادق
أنه قال: (ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف)، وفي حديث آخر عن عبد الله بن
أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به، ومنهم من
لا نثق به؟ قال: (إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله، أو من قول
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وإلا فالذي جاءكم به أولى به)، وفي رواية
أخرى: (ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف)[2]
وبناء على هذا
نص أئمة الشيعة ـ على خلاف غيرهم من المدارس الإسلامية ـ على اعتبار القرآن الكريم
معيارا في قبول الأحاديث ورفضها، وقد قال الشيخ المفيد في كتابه [تصحيح الاعتقاد]:
(وكتاب الله تعالى مقدَّم على الأحاديث والروايات، وإليه يتقاضى في صحيح الأخبار
وسقيمها، فما قضى به فهو الحقّ دون سواه)[3]
ولهذا نرى الشيعة رغم احترامهم الشديد لكتاب الكافي ولمؤلّفه
محمّد بن يعقوب الكليني وشهادتهم له بتبحّره في علم الحديث، إلاّ أنهم لم يدّعوا
بأنّ ما جمعه كلّه صحيح، بل إن من علماء الشيعة من طرح أكثر من نصفه، وقال بعدم
[1]الكافي، أبو جعفر الكليني، تحقيق
علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، 1363 ه ش، طهران، 1/ 69 ح5.