فهذا لو كان في زمان الإمام أحمد لـحُكِمَ عليه بالزندقة)[1]
2 ـ موقف القرآن الكريم من شريعة اليهود:
وهي من النواحي التي لم يلتفت إليها
أولئك الذين راحوا يبررون المجزرة بكون الحاكم الوارد فيها ليس ظالما لليهود لأن
فيه تطبيقا لشريعتهم، وهذا يعني أن ما ورد في شريعتهم مما نقلوه من كتابهم المقدس
صحيح، ولست أدري ما هو دليلهم على صحته؟
ولو فرضنا صحته؛ فإن الاحتكام إليه لا
يصح؛ ذلك أن الشريعة الإسلامية نسخت ما قبلها من الشرائع، وصار الاحتكام واجبا
للشريعة الإسلامية، بل حتى لو كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في عهده a
لوجب عليهم اتباعه، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ
النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ
أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ
فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: 81]
وفوق ذلك كله؛ فإن القرآن الكريم يصرح
بتلاعب أهل الكتاب، واليهود خصوصا بكتبهم وشرائعهم، ولذلك تحولت من شرائع الله
المملوءة بالعدل والرحمة إلى شرائع بشرية مملوءة بالأهواء، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ
مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ
وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ
مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾
[آل عمران: 78]، وقال: ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ
كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ
بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا
قَالُوا آمَنَّا