وروي أنه a تلا قول الله عز وجل في إبراهيم A: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا
مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: 36]، وقول عيسى A: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ
وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة:
118]، فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي أمتي وبكى) فقال الله- عز وجل: (يا جبريل اذهب
إلى محمد، وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟. فأتاه جبريل A، فسأله فأخبره رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بما قال، وهو أعلم، فقال الله: (يا جبريل، اذهب إلى
محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)[1]
ويذكر عبد الله
بن مسعود موقفا من مواقف حرص رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم؛
فيقول: (كأني أنظر إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يحكي
نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب اغفر لقومي فإنهم لا
يعلمون)[2]
وقد بدا هذا
السلوك الممتلئ بالرحمة والرفق والحرص على إيمان الناس في كل مواقفه، وخاصة مع
أعدائه a، ومن الأمثلة على ذلك
تلك المعاملات الطيبة التي كان يعامل بها الأسرى حرصا على إعطاء صورة حسنة للإسلام
ترغبهم فيه، ومنها ما روي أنه a (بعث خيلا
قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري
المسجد، فخرج إليه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال:
(ما عندك يا ثمامة؟)، فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم
تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فترك حتى كان الغد، فقال: (ما
عندك يا ثمامة؟)، فقال: ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد
فقال: (ما عندك يا ثمامة؟) فقال: عندي ما قلت لك، فقال: (أطلقوا ثمامة)، فانطلق
إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك،
فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي