والنصوص الواردة
في هذا كثيرة جدا لا يمكن حصرها، وقد ذكرنا الكثير منها في سلسلة [حقائق ورقائق]،
وسنكتفي هنا بذكر كيف عامل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
رؤوس الكفر والنفاق الذين استعملوا كل الوسائل لحربه، لنقارنها بروايات مجزرة بني
قريظة، وهل يمكن لشخص واحد أن يقف تلك المواقف المتناقضة، وقد ذكرنا سابقا كيف
تعامل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مع أعدائه من اليهود، وكيف عفا عنهم،
وعاقبهم بتلك العقوبات البسيطة التي لا تتناسب مع جرائمهم الكبيرة.
1 ـ الرفق والرحمة بالمشركين:
فمع أن القرآن
الكريم يعتبر المشركين أكثر ضلالا وانحرافا عن أهل الكتاب، إلا أننا نجد معاملة
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لهم معاملة ممتلئة بالرحمة واللين، على
الرغم من حروبهم الشديدة للمسلمين، بل شدتهم معه a في مكة المكرمة، حتى أخرجوه من بيته، واستولوا على
كل أموال المسلمين، وظلوا يستعملون كل الوسائل لحربه، إلى أن هزموا.
وقد ورد في
الروايات الكثيرة كيف كانت نظرة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
إليهم، وهم في عز عنفوان جهلهم، والذي لم يكن يقل أبدا عن جهل بني قريظة، ففي
الحديث عن عائشة زوج النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنها
قالت للنبي a: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟. قال:
(لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على
ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت، وأنا مهموم على وجهي،
فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت
فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد
بعث الله إليك ملك
[1] رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه، سبل
الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (7/ 164)