فكيف يمكن لمن
فعل هذا مع هذا المجرم الذي حاول قتله، ومع ذلك تركه، ولم يعاقبه، أن يفعل تلك
الأفعال مع شباب بني قريظة أو غيرهم، فذلك يستحيل عليه.
مع العلم أن
المؤرخين يذكرون أن هذا الرجل الذي حاول قتل النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يسلم[2]، بل ظل على كفره، وهو دليل على أن قتال رسول
الله a للمشركين أو لليهود ليس لفرض الدين، وإنما
لمواجهة الاعتداء.
وهكذا عندما
تمكن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من قريش التي استعملت كل الوسائل لحربه، ومع
ذلك استعمل معها a كل وسائل الرفق واللين، بل استعمل الرفق مع
ألد أعدائه.
وأحب أن أسوق
هنا نصا لبعض المدافعين عن مجزرة بني قريظة، في تعامله a مع المشركين الذين حاربوه، لنرى كيف يستسيغ عقل واحد
الجمع بين المتناقضات، وفي شخصية واحدة هي شخصية رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقد قال كاتب المقال [3]،
وهو يشيد برحمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مع
صفوان بن أمية: (لم يكن صفوان بن أمية بن خلف يختلف كثيرا عن عكرمة بن أبي جهل؛
فقد كان أبوه من أشد المعاندين للرسول a، ومن الذين قتلوا
في بدر، وورث صفوان بن أمية هذه الكراهية من أبيه للإسلام والمسلمين، وحارب الرسول
a بكل طاقته، وكان ممن التف حول ظهر المسلمين في غزوة
أحد هو وخالد بن الوليد، واشترك
[2] قال الشامي في [سبل الهدى والرشاد
في سيرة خير العباد (10/ 259)]: (ذكره الحافظ الذهبي في التجريد من جملة الصحابة
وعبارته غورث بن الحارث الذي قال: من يمنعك مني؟ قال: الله، قال: ما يمنعك مني؟
قال: الله، قالها ثلاثا، فوقع السيف من يده وأسلم)، ونازعه الحافظ بأنه ليس في
البخاري تعرض لإسلامه، ثم أورد الطرق التي رواها البخاري في صحيحه ثم قال: ورويناه
أي حديث جابر ... في قصة غورث في المسند الكبير، لمسدد، وفيه ما يصرح بعدم إسلامه)
[3] انظر: مقالا بعنوان: عفوه عن
صفوان بن أمية بن خلف، موقع قصة الإسلام، ونفس المقال وجدته، ولكن من تأليف أماني
زكريا الرمادي، موقع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ولا أعرف الكاتب منهما.