ويستمر الكاتب
في طرحه لكيفية تعامل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مع
صفوان، فقال: (لقد رأى عمير بن وهب ابن عمه وصديقه القديم صفوان يهرب من مكة فرق
له، وأشفق عليه، فأسرع إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وقال له: يا رسول
الله، سيد قومي خرج هاربا ليقذف نفسه في البحر، وخاف ألا تؤمنه، فداك أبي وأمي. فقال
الرسول a: (قد أمنته)!! هكذا!! وتماما مثلما فعل a مع قرينه (عكرمة).. إنها ليست أبدا مواقف عابرة، إنه -باختصار- منهج
حياة.. قال عمير بن وهب لصفوان: إن رسول الله قد أمنك.. فخاف صفوان، وقال: لا
-والله- لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها.. فرجع عمير بن وهب إلى الرسول a، وقد بذل مجهودا كبيرا في السعي من البحر الأحمر إلى مكة، وهي مسافة
تقرب من ثمانين كيلو مترا ذهابا فقط! قال عمير لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:
يا رسول الله، جئت صفوان هاربا يريد أن يقتل نفسه، فأخبرته بما أمنته، فقال: لا
أرجع حتى تأتيني بعلامة أعرفها.. فقال الرسول a
في منتهى التسامح: (خذ عمامتي إليه).. فأخذ عمير العمامة، وذهب إلى صفوان بن أمية،
حتى وصل إليه، وأظهر له العمامة وقال له: يا أبا وهب، جئتك من عند خير الناس،
وأوصل الناس، وأبر الناس، وأحلم الناس، مجده مجدك، وعزه عزك، وملكه ملكك، ابن أمك
وأبيك، أذكرك الله في نفسك.. فقال له صفوان في منتهى الضعف: أخاف أن أقتل! قال: قد
دعاك إلى أن تدخل في الإسلام، فإن رضيت وإلا سيرك شهرين!!)
ولست أدري لم لم
يذكر هذا العرض مع بني قريظة، ومع شبابهم الصغار الذين رووا أنهم قتلوا هكذا من
دون أن يعرض عليهم شيء.
وهكذا راح
الكاتب يصف رحمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ورفقه
ولطفه به إلى أن أسلم وحسن إسلامه، فقالت: (وكان a
يعطي المؤلفة قلوبهم من المسلمين مائة مائة من الإبل والشياه، وحقق المؤلفة قلوبهم
من الثروة ما أذهل عقولهم، حتى تنازل السادة عن كبريائهم وعزتهم،