وذهبوا يطلبون
العطاء المرة تلو المرة! والرسول a لا يرد سائلا، ولا يمنع طالبا، ومن بعيد يقف
صفوان بن أمية متحسرا وهو يشاهد توزيع الغنائم، فهو ما زال من المشركين، وليس له
إلا إيجار السلاح.. ولكن حدث في لحظة ما أذهل صفوان، وأذهل المشاهدين للموقف
والسامعين عنه، وسيظل مذهلا للناس إلى يوم القيامة!! لقد نادى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم صفوان بن أمية، وأعطاه مائة من الإبل، كما أعطى الزعماء المسلمين من أهل
مكة، أيتوقع إنسان -أيا كان كرمه أو سخاؤه- أن يحدث منه مثل هذا.. ولم تكن ذلك
نهاية الموقف.. لقد وجد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن صفوان ما زال واقفا، ينظر إلى شعب من
شعاب حنين، قد ملئ إبلا وشياه، وقد بدت عليه علامات الانبهار والتعجب من كثرة
الأنعام، فقال له a في رقة: (أبا وهب، يعجبك هذا الشعب؟)، قال
صفوان في صراحة شديدة: نعم، إنه لا يستطيع أن يترفع وينكر.. إن المنظر باهر حقا.. قال
الرسول a في بساطة وكأنه يتنازل عن جمل أو جملين: (هو لك وما
فيه)
ويذكر الكاتب
كيف ذهل صفوان، وكيف أسلم حينها بسهولة، مع أنه لو طبق هذه الحادثة مع شباب بني
قريظة لأسلموا جميعا، فقد قال: (أذهلت المفاجأة صفوان، ووضحت أمام عينيه الحقيقة
التي ظلت غائبة عنه سنين طويلة، ولم يجد صفوان بن أمية نفسه إلا قائلا: ما طابت
نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أنه لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله!!
وأسلم صفوان في مكانه!! يقول صفوان بن أمية: والله لقد أعطاني رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وأعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى صار أحب الناس
إلي!!)
ثم راح يعلق على
هذا الموقف بقوله: (أي خير أصاب صفوان.. أي خير تحقق لقبيلة بني جمح عندما أسلم
زعيمها.. وأي خير تحقق لمكة.. وأي خير تحقق للمسلمين، وقد أضيفت إليهم قوة الزعيم
المكي المشهور صفوان بن أمية، والذي حسن إسلامه بعد ذلك، وصار من المجاهدين في
سبيل الله؟! إن كل هذا الخير قد تحقق بواد من الإبل والشياه! وما