أَشْرَكُوا
أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ} [آل عمران: 186]، وكان النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم يتأول العفو ما
أمره الله به حتى أذن الله فيهم ونزلت الآيات بجهاد الكفار، والمنافقين، والغلظة
عليهم، وتغيرت الحال فلما غزا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بدرا فقتل الله به
صناديد كفار قريش قال بن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر
قد توجه أي ظهر وبان وقوي الإسلام وقام عموده، قد توجه فبايعوا الرسول a على الإسلام فأسلموا أي في الظاهر)
ثم ذكر بعض مظاهر عداء ابن سلول ومكائده
للإسلام وأهله، فقال: (لقد اضطر بن أبي أن ينتقل من العداوة الجهرية للدين إلى
العداوة السرية، والكيد للإسلام وأهله لقد فوت عليه هذا الدين الملك فشرق من أجل
ملكه نافق وصار يعادي الإسلام والمسلمين ويدبر المؤامرات ويحبكها هو وأعوانه كيدا
للدين والإسلام وأهله، وكان مما يخفي به أمره أنه كان يقوم بعد خطبة الجمعة بعد أن
كان النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم يخطبها يدعو قومه إلى الإسلام متظاهرا أنه ينصر الله ورسوله a
وهكذا كان يتظاهر بالحرص على مصلحة المسلمين وقضية الجهاد، وكان لا يريد المسلمين
أن يخرجوا من المدينة في أحد حتى لا ينكشف هو وأصحابه، ولكن الله عز وجل أراد أمرا
آخر فاضطر للخروج، ثم انسحب وهكذا صار أمرهم في الغزوات، هكذا صاروا في بقية
الغزوات لا يخرجون ويتخلفون بالأعذار الواهية، وإذا خرجوا خرجوا ليرجعوا أو
ليثيروا الفتنة في جيش المسلمين)
وكان في إمكان الخطيب أن يطبق هذا على
بني قريظة، لأن خيانتهم لم تكن سوى واحدة بجانب الخيانات الكثيرة التي قام بها ابن
سلول وغيره من المنافقين، ومع ذلك لم يتعامل معهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بتلك
الصورة التي يصورون أنه تعامل بها مع بني قريظة.