وهكذا يستمر في ذكر مواقف عبد الله بن
أبي من الإسلام وما جره على المسلمين من أنواع الأذى والذي لا يساوي ما فعله بنو
قريظة معه شيئا؛ فيقول: (إن ذلك الرجل كره الدين وأهله وتجرأ أن يقول النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم وقد أخذ أنفه بردائه
لا تغبروا علينا.. فإذا كانت مؤامرات عبد الله بن أبي تسبب الوقيعة في المسلمين
والفتنة بينهم، لقد كاد النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم وآذاه في أقرب الناس إليه في زوجته عائشة، واتهم صفوان بن المعطل وإياها
بفعل الفاحشة، وأنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات، وبراءة صفوان، بلغ أذاه في
أهل النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم بلغ أذاه في أهل بيته، وكان لا يتوانى لانتهاز الفرص للوقيعة بين
المسلمين، ولذلك فإن غزوة المريسيع غزوة بني المصطلق قد شهدت مواقف دنيئة من هذا
الرجل في غاية العجب، ومن ذلك ما حصل بين رجلين، مزح أحدهما مع الآخر فحصل بينهما
رفع لشعار الجاهلية فلما أنكره النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ماذا قال عبد الله بن أبي لما سمع القصة قال:
أوقد فعلوها هؤلاء المهاجرون فعلوها فعلها المهاجرون كاثرونا في بلدنا وصاروا
يأكلون من خيراتنا ونافسونا ثم يريدون أن يطغوا علينا؛ فأراد أن يحيي العصبية
ويعيدها جاهلية فقال: {لَئِنْ
رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}
[المنافقون: 8]، وقال أيضا: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ
حَتَّى يَنْفَضُّوا } [المنافقون: 7] ..امنعوا الأموال عنه وعن أصحابه، لا تعطوه
زكاة ولا غيرها؛ فيضطر الناس للانفضاض عنه، والأعراب الذين يأتون للمال لا يأتون فلما
سمع بذلك عمر قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق؛ فقال النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم: دعه لا يتحدث الناس أن
محمدا يقتل أصحابه)
ثم ذكر عدم قتل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مع
كل تلك الجرائم التي قام بها، فقال: (سلك النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذلك المسلك؛ إيثارا لسلامة
الدين والدعوة وحتى لا يتحدث