من يخالفهم، وقد
قال في رسالته التي أرسلها إلى الليث بن سعد في مصر: (اعلم رحمك الله أنه بلغني
أنك تفتي الناس بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندنا وببلدنا الذي نحن فيه
وأنت في أمانتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ما
جاءهم منك، حقيق بأن تخاف على نفسك وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه، فإن الله تعالى
يقول في كتابه: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﴾ [التوبة: 100]..
فإنما الناس تبع لأهل المدينة، إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن وأحل الحلال
وحرم الحرام، إذ رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بين
أظهرهم يحضرون الوحي والتنزيل ويأمرهم فيطيعونه ويسن لهم فيتبعونه، حتى توفاه الله
واختار له ما عنده، صلوات الله عليه ورحمته وبركاته، ثم قام من بعده أتبع الناس له
من أمته ممن ولي الأمر من بعده فما نزل بهم مما علموا أنفذوه، وما لم يكن عندهم
فيه علم سألوا عنه، ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا في ذلك في اجتهادهم وحداثة عهدهم، وإن
خالفهم مخالف أو قال امرؤٌ غيره أقوى منه وأولى ترك قوله وعمل بغيره، ثم كان
التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل ويتبعون تلك السنن، فإذا كان الأمر بالمدينة
ظاهراً معمولاً به لم أر لأحد خلافه للذي في أيديهم من تلك الوراثة التي لا يجوز
لأحد انتحالها ولا ادعاؤها، ولو ذهب أهل الأمصار يقولون هذا العمل ببلدنا وهذا
الذي مضى عليه من مضى منا، لم يكونوا من ذلك على ثقة، ولم يكن لهم من ذلك الذي جاز
لهم)[1]
وبناء على هذا
نراه ينكر ما رواه البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا
بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا