نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 190
بزمانهم، وبعادهم عن طاعة
خالقهم، ورفضهم وصية رسوله نبيهم عليه السلام، وذهولهم عن النظر في عاقبة أمرهم،
وغفلتهم عن سد ثغرهم، حتى لظل عدوهم الساعي لإطفاء نورهم يتبحبح عراص ديارهم،
ويستقرئ بسائط بقاعهم، يقطع كل يوم طرفا منهم ويبيد أمة، ومن لدينا وحوالينا من
أهل كلمتنا صموت عن ذكرهم، لهاة عن بثهم، ما إن يسمع عندنا في مسجد من مساجدنا
ومحفل من محافلنا مذكر بهم أو داع لهم، فضلا عن نافر إليهم أو مواس لهم، حتى كأن
ليسوا منا، أو كأن فتقهم ليس بمفض إلينا، قد بخلنا عليهم بالدعاء، بخلنا بالغناء،
عجائب مغربة فاتت التقدير، وعرضت للتغيير، فلله عاقبة الأمور، وإليه المصير)[1]
وذكر المقري نماذج كثيرة لتلك
الانحرافات، ومنها هذا النموذج الذي يجمع بين جميع الجرائم في سلة واحدة، حيث ذكر
عند ترجمته لـ
[الحكم بن هشام] بعض جرائمه، فقال: (وولي بعده ابنه الحكم بعهدٍ منه إليه، فاستكثر
من المماليك، وارتبط
الخيل، واستفحل ملكه، وباشر الأمور بنفسه، وفي خلال فتنة كانت بينه وبين عميه
اغتنم العدوّ الكافر الفرصة في بلاد المسلمين، وقصدوا برشلونة فملكوها سنة خمس
وثمانين، وتأخرت عساكر المسلمين إلى ما دونها، وبعث الحكم العساكر مع الحاجب عبد
الكريم بن مغيث إلى بلاد الجلالقة، فأثخنوا فيها، وخالفهم العدو إلى المضايق، فرجع
على التعبية، وظفر بهم، وخرج إلى بلاد الإسلام ظافراً)[2]
ثم ذكر كيفية تعامله مع الفقهاء
الذين ثاروا عليه، فقال: (وكانت له الواقعة الشهيرة مع أهل الرّبض من قرطبة لأنّه في صدر
ولايته كان قد انهمك في لذّاته، فاجتمع أهل العلم والورع بقرطبة، مثل يحيى بن يحيى
الليثي صاحب مالك وأحد رواة الموطّإ عنه وطالوت الفقيه وغيرهما، فثاروا به،
وخلعوه، وبايعوا بعض قرابته، وكانوا بالرّبض الغربيّ من قرطبة،