[الحديث: 19] كان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أشد الناس تواضعا وأسكنهم في غير كبر، وأبلغهم في غير تطويل،
وأحسنهم بشرا، لا يهوله شيءٌ من أمور الدنيا، خاتمه من فضة يلبسه في خنصره الأيمن
والأيسر، يركب الحمار ويردف خلفه عبده أو غيره. يعود المرضى في أقصى المدينة. يحب
الطيب، ويجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين ويكرم أهل الفضل، ويتألف أهل الشرف بالبر
لهم، يصل رحمه ولا يجفو على أحد. يقبل معذرة المعتذر إليه. يمزح ولا يقول إلا حقا،
ضحكه التبسم من غير قهقهة. يرى اللعب المباح فلا ينكره، يسابق أهله، وترفع الأصوات
عليه من الجفاة فيصبر، لم يرتفع على عبيده في مأكل ولا ملبس، لا يمضي له وقتٌ في
غير عمل لله تعالى أو فيما لابد له منه من صلاح نفسه، يخرج إلى بساتين أصحابه، لا
يحتقر مسكينا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستويا. قد
جمع الله تعالى له السيرة الفاضلة والسياسة التامة وهو أميٌ لا يقرأ ولا يكتب. نشأ
في بلاد الجهل والصحاري في فقر وفي رعاية الغنم يتيما لا أب له ولا أم فعلمه الله
تعالى جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة وأخبار الأولين والآخرين وما فيه النجاة
والفوز في الآخرة والغبطة والخلاص في الدنيا. وفقنا الله لطاعته في أمره والتأسي
به في فعله، آمين يا رب العالمين[2].
[الحديث: 20] كان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أحلم الناس؛ فلم يضرب بيده أحدا قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله
تعالى، وما انتقم من شيء صنع إليه قط إلا أن تنتهك حرمة الله، وما خير بين أمرين
قط إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثمٌ أو قطيعة رحم فيكون أبعد الناس