قلت: ولكن القلب لا يأكل
ولا يشرب، ولا تعتريه العوارض.
قال: بلى .. إنه يأكل
ويشرب.. يأكل الحكمة ويشرب العلم.. لينبت شجرة الإيمان التي قال الله تعالى
فيها:{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ
وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}(ابراهيم:24)
قلت: وكيف آكل تلك الكلمات،
وكيف أشربها؟
قال: بأن تتعلم ما فيها من
حقائق الحكمة، فلا يمكن لأشعة جوهرة ( لا أمل فيهم ) أن تنزل على صدرك لتحققك
بحقائق الاستعفاف إلا إذا علمت ما فيها.
قلت: وما فيها؟
قلت: فيها الترياق الذي
يرفع أملك عن الخلائق.
قلت: لماذا أرفع أملي من
الخلائق؟
قال: لترفع يدك عنهم، فإن
يدك لا تمتد إلا لمن تطمع فيه..
قلت: فلنفرض أني قطعت أملي
من الخلائق؟
قال: تلك أول خطوة تحققك
بالاضطرار، ألم تسمع الحق تعالى وهو يقول:{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا
دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ
اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}(النمل:62)؟
قلت: أتحققي بالاضطرار
نعمة؟
قال: من أكبر نعم الله عليك
أن لا تحتاج إلا إليه، وأن لا تمد أعناق همتك