قال: إن هذا يوصلك إلى
حقيقة فاقة الخلائق، لأنه لولا حاجاتهم الكثيرة غير المحصورة لما نزلت النعم غير
المحصورة، والفاقة هي عين الفقر.
البخل:
قلت: نعم فاقة الخلائق
ضرورة لا ينفكون عنها، فما بخلهم؟ وهل البخل إلا لمن يملك؟
قال: نعم يملكون.
قلت: كيف يملكون.. وهم
فقراء.. أليس في ذلك تناقضا؟
قال: إن الله بحكمته أعطى
الأغنياء بعض ما قد تمس إليه حاجة الفقير ليبتلي الغني بالفقير، والفقير بالغني،
ألم تسمع قول الحق تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ
وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ
إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}(الأنعام:165)؟
قلت: فما تحمل هذه الآية من
الإشارة إلى هذا المعنى؟
قال: هذه الآية تشير إلى
الحقائق التي ينطوي عليها بخل الإنسان.
قلت: كيف ذلك؟.. لا أرى
فيها ما تقول.
قال: قوله تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ
خَلائِفَ الْأَرْضِ } يدل على أن الله تعالى جعل في أيدي بعض الناس ما يوصلون به
الفضل الإلهي لعباده، فهم خلفاء في توصيل هذا الفضل، بدليل قوله تعالى
بعدها:{
وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ