فلذلك نصحوا بدل الغرق في
أودية الأماني أن يتوجهوا إلى المعطي والمتفضل، فمن أعطى أولا يعطي آخرا، ومن أعطى
لفلان لا يعجز عن العطاء لفلان.
قلت: فهذا إذن أكبر علاج للحسد
الذي يقع من الفقراء للأغنياء.
قال: بل هو أكبر علاج
لأمراض الطبقية الاجتماعية، فالطبقية ليست محصورة في الغنى والفقر.
ثم سكت هنيهة وقال: ليت
بخلكم كان قاصرا على المال.
قلت: وهل هناك بخل أعظم من
بخل المال؟
قال: نعم بخلكم بالابتسامة
والبشر، فإنها وإن لم تشبع بطن الفقير، فإنها تطمئن قلبه، وتخرجه من الكوابيس التي
يعيشها، ألم تسمع قوله a:(
تبسمك في وجه أخيك صدقة )[1]
قلت: صدقت، فإن معاناة
الفقير النفسية أخطر من معاناته المادية.
قال: فلذلك إن لم تطيقوا
علاج جوعه، فعالجوا نفسه.
قلت: والكمال في استعمال
كلا العلاجين.
خطر على بالي حينها ما ذكره
الشعراء في آداب المضيف من خدمته لأضيافه وإظهار بسط الوجه لهم، فقلت: يا معلم لقد
قال الشعراء في هذا كلاما جميلا، فهل أجزت لي ذكره؟