ثم التفت إلي، وقال: أرأيت لو أن
شخصا دعاك إلى وليمة، ودعا لها جمعا من الناس، وكانت لك ملاعق كثيرة تستطيع أن
تنهب بها أكبر قدر من الطعام، أكنت تحضر معك تلك الملاعق لتأكل بيديك جميعا، فإن
لم تكف يداك للاستيلاء على ذلك الطعام، ملأت من الأواني ما يدع المدعوين لشر
المسغبة.
قلت: لا يمكن هذا، ولا أظن عاقلا
يفعل هذا.
قال: ولكنكم تفعلونه، وتصرون على
فعله، بل وتبررونه.
قلت: كيف ذلك، فأنا لم أر من يفعل
هذا؟
قال: ما دور الملعقة في الطعام؟
قلت: هي وسيلة الطعام، بها نوصل
الطعام إلى أفواهنا؟
قال: وما التجارة والصناعة
والفلاحة؟
قلت: هي وسيلة الرزق، فبدونها لا
يحضر الطعام، كما أنه بدون الملاعق لا يصل إلى الأفواه.
قال: فما الفرق بين استئثار
الأغنياء بوسائل الكسب، واستئثارهم بالملاعق؟
قلت: فرق كبير جدا، فالملاعق يمكن
أن يستعملها الغني والفقير والصبي والشيخ، بينما وسائل الكسب لا يمكن أن يستعملها
غير من له قدرات كبيرة في الإدارة والتسيير، بالإضافة إلى الصبر والمجاهدة.