قال: هذا صحح، ولهذا خلق الله
الأغنياء والفقراء، ولكن هل يصح للغني الذي مكنه الله من هذه الوسائل أن يستأثر
بمنافعها بدعوى أنه هو المجتهد، وهم الكسالى، أو أنه هو الذكي وغيره بلداء.
قلت: لا، وإلا صار كقارون لما قال:{
إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (القصص: 78)
قال: فعد إلى الثروات التي ينعم بها
قومك، وأخبرني: لو أن خيرات تلك الثروات وصلت الفقراء، من دون أن نحرم الأغنياء ما
يملكون هل يبقى فقير واحد؟
قلت: لا، فالثروة التي ينعم بها
أفراد محدودون في العالم يمكنها تغطية حاجيات الملايين من البشر إن لم نقل
ملاييرهم.
قال: فالأغنياء إذن لم يكتفوا
بحرمان الفقراء، بل استولوا على طعامهم الذي أعد لهم في دار الضيافة الإلهية.
ثم التفت إلي وقال: ما نسبة هذا النوع
من الأغنياء من مجموعهم؟
قلت: هي نسبة عالية جدا.
قال: ولا بد إن تكون عالية، ولو لم
تكن عالية لما ظهر في الأرض فقير واحد.
قلت: ولكنهم يبررون ذلك تبريرات
مختلفة بعضها يستند لأحكام شرعية.
قال: هي تبريرات لا تختلف في كثير
أو قليل عن تيريرات سلفهم الأول