الذين قال الله فيهم:{ وَإِذَا
قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ
أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(يّـس:47)
ثم التفت إلي، وقال: ومن يكرمهم،
كيف يكرمهم؟
قلت: يختلفون، منهم من يكرمهم لوجه
الله، كما قال تعالى:{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ
مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً}(الانسان:9)، ومنهم من يكرمهم لغير وجهه يبتغي
بذلك قصائد تمدحه، أو ثناء ينشر عليه.
قال: فتلك الآيات التي ذكرتها فيمن
نزلت؟
قلت: في فئة محدودة من هذه الأمة.
قال: وما نسبة تكرر هذه الثلة؟
قلت: أما المقربون، فهم ثلة قليلة،
كما قال تعالى:{ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}(الواقعة:14)، وأما غيرهم،
فكثير بحمد الله.
قال: فما نسبتهم في كل واقع؟
قلت: قليلة.
قال: أنتم تتعاملون بمنطق النسب،
فتتفاءلون للنسب العالية، وتتشاءمون من النسب الضعيفة، فهل هذه النسبة تستدعي
التفاؤل أم التشاؤم؟
قلت: التشاؤم.. فنسبة هؤلاء لا تكاد
تذكر، بل لو كان في كل ألف من الأمة رجل من أمثال هؤلاء لارتفعت الأمة إلى آفاق
عالية من الكمال.