في تلك الليلة،
أصابني أرق شديد حال بيني وبين النوم، فخرجت خارج غرفتي ـ كعادتي في مثل هذه
المواقف ـ لأنشغل بعد النجوم والنظر في أشكال تجمعاتها.. فلم يكن يجلب النوم لعيني
مثل النجوم.
بينما
أنا كذلك، إذا بي أسمع صوتا عذبا يصدر من غرفة الرجل الغريب الذي زارني.. وكأنه
لحن من ألحان السماء.. فاقتربت أسترق السمع، فإذا بي أسمعه، وهو ينشد بصوت خاشع،
ممتلئ بحشرجة الدموع، قول الشاعر الصالح، وهو يبث أشواقه لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:
كيف
لا تسكب الدموعَ عيوني
وهي
من قبل أن تراك سجام
كيف
لا تذهل العقول وتفنى
أنفسُ
العاشقين وهي كرامُ
يا
رسول الإله إني محبّ
لك
والله شائق مستهامُ
يا
رسول الإله في كل حينٍ
لك
مني تحية وسلام
يا
رسول الإله شوقي عظيم
زائد
والغرام فيك غرام
يا
رسول الإله إني نزيل
ونزيل
الكرام ليس يُضام
سقطت
دموع حارة من عيني.. وأنا أكاد أرى ذلك الشاعر الصالح، وهو بين يدي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يخبره بما امتلأ قلبه به من محبته
والشوق إليه.
في تلك
اللحظات خطر على قلبي أجيال من المؤمنين من الذين ملأ حب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عليهم كيانهم، فلم يرضوا لعروش
قلوبهم المقدسة شمسا غير شمسه:
منهم ذلك
الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ممتلئا حزنا، فقال له النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (يا فلان مالي أراك محزوناً ؟)
فقال: (يا نبي اللّه شيء فكرت فيه)، فقال: (ما هو؟) قال: (نحن نغدوا